بعد أن فرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وتيرته الخاصة على أعمال القمة العربية الثانية والثلاثين في جدة ، ومنع تعقيده من الخوض في ممرات وتداعيات الخلافات العربية – العربية ، فرض توازنًا دوليًا ثنائيًا: الأول يرضي روسيا و إيران بإعادة سوريا إلى مقعدها ودعوة الرئيس بشار الأسد والثاني هو إرضاء الغرب والولايات المتحدة الأمريكية من خلال حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ، مع تخصيص خمس دقائق فقط لكل متحدث.
تحطمت توقعات اللبنانيين لخطوة عملية وحاسمة بعد القمة ، واستأنفت المؤسسة الحاكمة الحلقة المفرغة من عدم اليقين وعدم وجود دافع لإيجاد حل مقبول للطرفين. مذبحة لبنان السياسية.
وبحسب مصدر دبلوماسي ، فإن “أعمال القمة ومناقشاتها والاجتماعات الجانبية التي عقدت ، أظهرت اهتماماً عربياً بدعم كل أمة لواقعها الداخلي ومنع أي تأثيرات خارجية على خططها ومشاريعها التنموية ، وقد عبر عن هذا الاهتمام” بن سلمان في معادلته السلمية القائمة على “صفر مشاكل” مع إعطاء الأولوية للبؤر الساخنة وتحقيق الأهداف الأساسية ، وأبرزها:
اولا: تأكيد الدور العربي وعلى رأسه السعودي كعامل استقرار دولي من خلال الاستعداد للعب دور محوري في ايجاد الحل السلمي المناسب للحرب الاوكرانية.
ثانيا: التأكيد على الحل العربي للازمة السورية على قاعدة وحدة الاراضي السورية وعودة جميع النازحين ومباشرة الاصلاحات السياسية لتأمين المشاركة الفعلية لكل التوجهات السياسية في الحكم والقرار.
ثالثا: وهي النقطة الاهم استعادة القضية الفلسطينية كقضية مركزية للعرب، وسحبها من معادلات المصالح الاقليمية والدولية، وتعاطي المملكة بأن هذه القضية هي قضيتها استنادا الى المبادرة العربية التي اقرّت في قمة بيروت عام 2002، بعيدا من الشعارات الايديولوجية التي جعلت من فلسطين والفلسطينيين ورقة مساومات على حساب اقامة الدولة ضمن حدود السابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
لبنان وماذا عنها؟ يرد المصدر الدبلوماسي بأن “لبنان تخلف في الأولويات العربية والدولية ، ليس بسبب إهماله ، بل لتدريب اللبنانيين على تحمل مسؤولية إعمال حقوقهم من خلال حوار يؤدي إلى التوافق دون سيطرة طرف على آخر. أو التوجّه على الآخر ، وهذا المراد به .. التوافق ، أو ما يمكن أن تشير إليه بالديمقراطية التوافقية ، هو روح دستور الطائف.
وبحسب المصدر ، “لا يجب على جميع الأطراف أن تتعنت أو تعتقد أن بإمكان أحد الأطراف أن يفرض خياره الرئاسي أو الحكومي على الآخر ، لأن هذا الأمر لن يستمر ، وأعراض القوة الزائدة لن تنجح معها مهما كانت مداها”. وهو ما يعبر في الواقع عن أزمة حقيقية من جانب الحزب الذي يعتقد أنه صاحب القرار وأنه هو القيادة “. والمحرم.
واعتبر المصدر ان “العراضة العسكرية التي نفذها حزب الله هي دليل تخبط كبير وأضرّت بمرشحه الرئاسي، بعدما اصطدمت كل محاولاته لحد الان للهيمنة مجددا على القرار الرئاسي من خلال فرض مرشحه الرئاسي بحائط سميك جدا، فلجأ الى التلويح بقدراته العسكرية، علما ان قيادته تعلم بأن ايران لن تسمح بأن تتعرض مصالحها الاستراتيجية للخطر وتحديدا من خلال ما نص عليه الاتفاق مع السعودية برعاية الصين، وهي الضامنة لعدم ذهاب جبهة الجنوب مجددا الى التوتير مجددا”.