في ذروة الهياج المليودرامي، مع تراكم النزاعات والمخاوف والإخفاقات وعناصر التفجّر واستحالة الحلول، وفي يوم واحد، هو يوم الجمعة المبارك، التاسع من آب، الواقع بعد يوم واحد من السابع منه، أتت المصارحة والمصالحة. طبعاً، مصافحة شكلية، ودورانها سيظلّ على شبابيك الكمّون، وسيبقى الشعب متفرّجاً، صامتاً.
طبعاً ليس من الممكن، وسط هذه الإنقسامات السياسية، والخلافات الشخصية، وسياسة المكائد، ونصب الفخاخ، وتنجير المقالب، ومخطط «حزب الله»، أن يتوصل البلد الى حلّ أي شيء، لأنّ الحلول تحتاج الى بلد ونحن لسنا بلداً، وتحتاج الى شعب واحد متفاهم ومتضامن، ونحن مجموعة من الشعوب مختلفة على كل شيء. صورة واضحة كعين الشمس، لبنان دولة موقتة. دولة تحت التجربة، ومعروف سلفاً أنّها فاشلة. مبادرات حكامها أشبه بانتشار دواء سرعان ما يتمّ سحبه من الأسواق، وطن بآثار جانبية. وطن انتكاسة متكررة.
واقع لبنان صورة مفزعة: لبنان المجتهد العامل المبدع والمنتج، ولبنان المثرثر البليد، والتبلد، والمعيق. قسم يزيل الصعوبات وقسم يزيدها. واحد يصدّر للعالم، وواحد يفتش عن دخله في التهريب والإرهاب. عالم لا تصدّق أنّك حقاً تعيش فيه. عالم من المواهب والشركات العائلية والمهن الموروثة، يعمل ويصارع وينتج في مناخ فوضوي وعدائي ونظام سقيم وبلا أي حماية أو مساندة أو أمان. هذا هو لبنان. واحد يعمل للحياة والحرية، وواحد لا يبشر إلا بالموت والخراب. أكبر وألدّ عدوّ للبنان المنتج والمبدع، هو لبنان الخمول والراكض وراء الإسلام السياسي.
أظهرت الوقائع الهزال الفظيع الّذي نعيشه، والعطب العضوي في فاعلية «الديمقراطية التوافقية». هذه الصيغة التي برهنت لاديموقراطيتها ولا توافقيتها، إنّها مجرّد توافق على إدارة البلد بالخدعة، وطاقمها السياسي يذكّرنا بالسكران الذي ذهب الى صيد السمك، وعندما وصل تذكّر أنّه نسي «طُعْم السمك». أخذ ورقة صغيرة وكتب عليها «طُعْم». علّقها بالسنارة ورماها بالماء. بعد قليل شعر بالسنارة تتحرّك، فسحبها، فوجد ورقة كبيرة مكتوب عليها «سمكة كبيرة». عاد أدراجه وبدأ يخبر الناس على التواصل الإجتماعي عن حرافيّته بالصيد وكبر السمكة وطعمها اللذيذ. والسلام عليكم…!
The Online Publishers TOP online lobbyist and international campaigner