بقلم نجيب خليل روحانا
على الأكيد تتذكرون «أبوميدعه» من بلدة «طيزي» وقصته مع رئيس البلدية والكهرباء، وابن عمه «أبو العبد» من ضيعة «زبرايا» وحكاية «البزاز والأورجي»، وصاحبه الحميم «خريان مادريان» وحادثة كيف «زمط بريشو» على حاجز الميليشيا بسبب اسمه وهو من «مجدل عيب». كلّهم يعيشون في بلد يدعى «خراطاف» في الشرق، و«خراطايف» في الغرب.
تسكن هذه الجمهورية عدة شعوب. كلّها تتكلم في نفس الوقت، وحاسة السمع ماتت من زمان. شعوب بلا مصير تعيش ليومها، وغدها «بعدونايم». الناس في «خراطاف» تحمل أسماء كاملة إنما غير مكتملة، تفضّل مناداتها بألقابها، لأنّها تحمل رموز بقايا حكايات وحضارات، ويخالجك الشعور أحياناً بأنّ الجميع «منتحلي صفة» ووثائق ولاداتهم من دون «مسقط رأس»، إنّما الكل يعرف الكل، وإنّما أيضاً لا أحد يعترف بأحد، مختلفين على كل شيء، إنّما موحّدين على مبادئ وأخلاقيات نموذجية ومؤهّلة للإنتشار: الكذب…ذكاء، العدل… ضعف، الطيبة… غباء، التواضع…ذلّة، الصدق… حماقة، والوقاحة… شجاعة. يعلّمون أولادهم أنّ الأشياء بثمنها وليس بقيمتها، والمال أغلى من الصحة، ويشتري أزلام وزبائن وليس أصدقاء، ومن أقوالهم المشهورة: «على قدر أهل النصب تأتي المناصب».
شعوب «خراطايف» ثرثارة بطبيعتها، يتعذّر عليك أن تفهمها أو أن تفهم عليك، تعتصم، تتظاهر، تحتجّ، تتفلسف وتبكي نهاراً، وقبل أن تنام، تتلو صلاة مميزة: «يا رب احفظ الرؤوساء والحكام والأحزاب، واحرس لياليهم وأحلامهم، وأجعل الشمس في خدمة نهاراتهم، وابعد عن مواكبهم أولاد الحرام، اجعل رقابنا ورقاب أولادنا في عهدتهم، آمين.»
بعد فترة، التقى «أبو ميدعه» بابن عمّّه «أبو العبد» وصديقه «خريان ما دريان»، وأخذ يخبرهم عن الحلم الذي رآه في منامه منذ أسابيع وقال: «رأيت حماراً مربوطاً بشجرة، وفجأة جاء «هيدس الشيطان» وفك له الحبل. دخل الحمار بستان الجيران، وأخذ يرفس ويخرب ويأكل كل شيء، رأته زوجة الفلاح صاحب البستان، فأخرجت البندقية وقتلته. جاء صاحب الحمار ورأى حماره مقتولاً، انفعل بغضب، وأطلق النار على زوجة الفلاح. رجع الفلاح، فوجد زوجته مقتولة، فأخذ بندقيته وقتل صاحب الحمار».
سألتْ «هيدس الشيطان»: ماذا فعلت؟! فقال لي، فقط أطلقت الحمار، وإذا أردت أن تخرب مجتمعات ودول… فاطلق الحمير… وهذا ما حصل عندكم في «خراطايف» والسلام عليكم».!!
“Dont say anything online that you wouldn’t want plastered on a billboard with your face (or logo) on it.” – Erin Bury