في لغة السوق ثمة مصطلحات خاصة بالتجاروالمستثمرين وهي تتعلق بعملياتهم التجارية أو الاستثمارية تختصر الكثير من الكلام نظرا لعامل الوقت الذي يحتاج الى وتيرة سريعة في المعاملات التجارية.
في السوق عرض وطلب كما دائن ومديون، وعلى “اللبناني” تقوم العمليات التجارية وتحديدا لدى المستثمرين الصغار والتجار وفق دورة تجارية متكاملة تدور حولها الاموال، ففي الايام الصعبة حيث يفتقد التاجر السيولة وعليه دين لتاجر آخر، يمكنه هنا أن يستدين من تاجر ثالث ليفي دينه، أو أن يحول قسما من أمواله الى تاجر استدان منه مبلغا كبيرا والامتناع عن دفعه لتاجر ثالث اذا كانت امكانية الاخير تسمح له بالانتظار.. في لغة السوق نسميها ” تركيب طرابيش”.
هذا المصطلح لا يصلح للعمليات التجارية “النظيفة” ومعظم المستثمرين الكبار يتجنبون الدخول في لعبة هذا المصطلح حفاظا على سمعتهم في السوق الامر الذي ينعكس مزيدا من الثقة في التعامل معهم.
اليوم وفي ظل الوضع الاقتصادي الكارثي، تسير الدولة كالتاجر اللبناني، الذي يعمل على “تركيب الطربوش” وهذه من أصعب المراحل التي تمر بها الدول، اذ تصبح المالية العامة في الدولة مكشوفة أمام المستثمرين وأمام الحكومات الدولية، وهذا الامر يعرض سُمعة المؤسسات الرسمية للخطر في ظل أزمة سياسية كبيرة توجها التأخير في تشكيل الحكومة.
اليوم تعمل مؤسسات الدولة وفق هذا المبدأ، ولن ندخل في الاسماء لأنها كثيرة، اذ تعمد مؤسسة عامة الى جباية مستحقاتها من مستخدميها، ليتم صرفهم في اماكن أخرى تختارها وزارة المال للضرورات الملحة، والسبب يعود الى نقص السيولة في البلد وهذا الامر ناتج عن جملة خطوات قامت بها الدولة من دون دراسات مسبقة وأبرزها سلسلة الرتب والرواتب، ومن هنا جاء الانذار قبل اسابيع عبر تسريبات رسمية بأن رواتب المتقاعدين لن تدفع، قبل أن تستدرك وزارة المال الامر وتعيد ترتيب الامور مع مصرف لبنان.
مبدأ السوق الذي يُطبق اليوم دفع برئيس الجمهورية الى اطلاق تحذيره ووضع الجميع أمام مسؤولية “انهيار البلد اقتصاديا” وما يرتب على ذلك من ديون على الدولة.
في حديثه لموقع ليبانون ديبايت يؤكد الخبير الاقتصادي غازي وزني أن الحكومة تواجه صعوبات مالية يترتب عليها متأخرات لم تلتزم بتسديدها “للمقاولين-المستشفيات- الضمان الاجتماعي وغيرها” لاسيما وأن احتياط الموازنة استنفذ في ظل صعوبة أمام الحكومة لتمويل احتياجاتها.
ويحذر وزني من ارتفاع العجز في العام 2019 في حال لم نسارع الى اجراء الاصلاحات المطلوبة وتأمين الموارد لأن الصورة قاتمة في ظل ارتفاع العجز في المالية العامة.عشرين الف مليار ليرة هي قيمة الاستحقاقات على الدولة تتوزع ضمن بنود الدين وسندات خزينة من هنا يفترض أن يعمد مصرف لبنان الى وضع خطة مصرفية مشابهة لتلك التي أنجزها في سنة 2018 من خلال الاكتتاب بسندات خزينة بقيمة 8800 مليار ليرة بزيادة واحد في المئة.
ينطلق وزني من نقطة اساسية وهي استمرارية تمويل الدولة في المرحلة المقبلة في ظل الوضع المصرفي الصعب وتوقف مصرف لبنان عن تمويل القطاع العام، ما ينعكس استمرار المنحى التصاعدي لمعدلات الفوائد ان على الليرة اللبنانية أم على الدولار الاميركي.
ويذكر وزني بقراري وكالتي “موديز وغولدمان ساكس” لضرورة الاسراع بتشكيل الحكومة تكون منتجة وانقاذية تعكس ثقة وبالتالي تخفف الضغوط لتشجيع التدفقات المالية الخارجية الى الداخل، والا فنكون أمام مرحلة خطرة ترتد سلبا على الاقتصاد اللبناني وعلى الدورة المصرفية والتجارية”، وبالتالي اي تأخير سينعكس أيضا على المصارف التي ستزيد في الشهرين المقبلين معدلات الفائدة في حال لم نُشكل الحكومة.